الخميس، 18 أبريل 2024

 

طرف من سيرة جزيرة ديامو

د. هويدا صالح

جدار من الحجارة  أقيم  في عرض البحر الواسع، لا نعرف متى أقيم تحديدا، كما لا نعرف كيف له كل هذه السطوة التي تجعل منه تميمة سحرية تهب من تريد تواجدا وحياة، وتنزع ممن لا ترغب في وجوده كل وجوه الحياة، إنه جدار جزيرة ديامو الذي أقامه محسن يونس في براعة ودهشة ليقدم من خلاله موجاته القصصية في روايته "سيرة جزيرة تدعى ديامو" التي صدرت عن دار فكرة للنشر والتوزيع بالقاهرة. ورغم أن الكاتب آثر أن يصنف روايته بتصنيف مغاير"موجات قصصية" إلا أنها أقرب إلى الشكل الروائي منها إلى شكل الموجات القصصية، فهذا الفضاء السردي يؤرخ لمكان واحد هو جزيرة خيالية غير محددة المكان، يسكنها مجموعة من الناس، ويقوم الكاتب بسرد حيواتهم، سعاداتهم وتعاساتهم، علاقتهم بالجزيرة، وعلاقتهم بما يدور خارجها، وتحتل "أم ديامو" بؤرة السرد  فيه، والضمير المهيمن على السرد هو ضمير الـ "نحن"،وكأن الكاتب يتحدث بالضمير الجمعي لسكان المدينة، وكأنه يتقصد ألا يعطي للذاتية والفردية وجودا مستقلا عن الأنا الجمعية. وحين تعمد الكاتب أن يجعل من "أم ديامو" عمود السرد الدائري الذي تدور حوله الأحداث إنما كان يعي فكرة الطوطمية التي كانت تجعل من الأم محرك العالم والأحداث، وكأنه يعي فكرة المجتمع المترياركي (الأمومي) قبل الانقلاب البطرياركي (الأبوي) الذي صار فيه الرجل هو محور الحياة وعمودها. و تبدأ الموجات في الاندماج والتلاحم حتى نصل إلى لحظة الذروة وهي موت"أم ديامو"هو موت عبقري فتازي، فحين أرادوا دفنها ، ألقوا بها في البحر، ووضعوا على صدرها الحجر، لكنها لا تغرق، ولا تغيب عن بؤرة الأحداث، بل تعود لتطفو مرة أخرى.إذن هذه لكاهنة الحكيمة  تفيض بحكمة الإله. هي حاملة التقاليد فباستمرارها تستمر ديامو

وبوجودها لا نتيقن أن الجزيرة موجودة فعلا، حتى عندما تموت وتلقى في البحر تبقى حية، وكأنها هي سر الحياة لهذه الجزيرة

إنها حكايات منفصلة متصلة، لكن لكل شخصية في النص جزيرتها الخاصة داخل الجزيرة الإطار"ديامو" فللبهلوان جزيرته، وللعجوز جزيرته، وللعروس التي تغادر بيوت أزواجها الخمسة جزيرتها، لكن الجميع يعيشون تفاصيل الحياة في الجزيرة الإطار.

يقوم الكاتب بأسطرة الواقع، فالحجر الأسطوري الذي يحمي الجزيرة، ويجعل أهلها يذهبون منها إلى جزر مجاورة، لكنهم يعودون إليها، لكن ليس كل من يخرج منها ويغادر الحجر الواقف شاهدا عليها يعرف كيف يعود، بل ربما يتوه في العالم الواسع ولا يستطيع العودة، وربما يعود مشتاقا ملهوفا على جزيرته الحبيبة ولا فكر ثانية في مغادرتها:" كانت أصواتنا ترن في البئر رجع الصدى، أنزلنا حبلا، ظل يمتد داخل الفتحة إلى أن انتهت الحبال من ديامو، ولم يكلع الشملول، ديامو إليك واحدا من أهلك ذهب إلى حيث الأجداد والآباء، الذين أنشأوا هذا الجدار الحجري على الشط الشرقي، علامة يا ترى؟! أم منعة؟! بقدر ما نعي قائما بيننا ، يغيب ويحضر في الروح وقت يشاء ، يدامو لا تكون إلا بإياه .. النمرود البحر يرسل أمواجه اللعوب مكشوفة النية، وهو الجدار لا يرضخ لمحوها، ومحتها، صامد.. ربما تخلعت بعض أحجاره من ذات نفسها، وتتأثرت على الرمال، ننظرها من بعيد كأنها رجال تقعي.. أما النمرود البحر، فلم يأخذها، لأنها ليست منه، ولن تعود إليه". عالم  الجزيرة مليء بالتفصيلات الصغيرة تصنع عالما من الدهشة والطزاجة. وكل شئ في ديامو مختلف عن الواقع ومفارق له، وكأننا أمام جزيرة من ألف ليلة وليلة:" استقر رأيه على أن دياموجزيرة عمياء، ليس فيها من الألوان إلا لونين، وهو في هذا كاذب، فقوس قذح يسكن ديامو، وبلونها بألف لون. من خلف جدارها الحجري تطلع إلى الأفق والماء، نزل بعدها إلى البحر، ظل يجوس في مياهه إلى أن قرر السباحة، فسبح يعرف أن في آخر هذا الأفق جزيرة أخرى.صاح/ وهو يتوقف عن السباحة ناظرا إلى ديامو :"ديامو .. أعطيك الآن ظهري، ثم استدار مواصلا السباحة". ـ نحن إذن أمام ما يسمى أسطورة المكان، حيث يتفجر عالم أسطوري للمكان بكل خصوصياته .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


هوامش

ـ محسن يونس روائي مصري له عدة إصدارات منها : بيت الخلفة، وحكاية عن الألفة ، وسيرة جزيرة تدعى ديامو، والأمثال في الكلام تضئ.

المجتمع المتريركي (الأمومي) كان يسود الأرض، واستمر كذلك حتى استطاع الرجل تحويل الحصان من حيوان للجر/ السلم إلى حيوان للحرب/ العنف، وسخّر قوته الجسدية للتغلب على سلم الأنثى وخلقها، بدل أن يستخدمها في الزراعة والرعي والصيد. الأمر الذي حوّل التجمعات النسائية المسالمة إلى مدن ذكورية مسوّرة، تخترع الحروب والغزوات كوسيلة للسيطرة والفاعلية.

 

الثلاثاء، 7 أبريل 2015

غلاف رواية ( خرائط التماسيح )
مركز الأهرام للنشر - 2015


السبت، 29 مارس 2014

غلاف رواية " الملك الوجه "


هروب النص من الزمن
إحياء الحكاية التراثية في ثياب الرواية الجديدة
محسن يونس
كتب : ياسر المحمدى
    هناك بعض النصوص التي بعد خروجك منها تلفت نظرك إلى قضايا أبعد من التحليل الداخلي لعناصر النص ومكوناته،وهذا ما حدث معي بعد الانتهاء من قراءة الملك الوجه لمحسن يونس،لذا سأكون معني بمفهوم التجنيس الأدبي ودوره في قتل بعض النصوص ومنعها من مواصلة رحلتها عبر الزمن.
     يُعني التجنيس الأدبي بمهمة تحديد السمات الشكلية والأسلوبية التي تتجلى الأفكار من خلالها في النص ومن ثم تصنيف هذا النص وتحديد جهة انتماءه لجنس أدبي ما،غير أن مسألة التجنيس هذه والتي تختلف من زمن لآخر تقف حاجزا دون قصد لتحد من امتداد نص قد يكون قابل لأن يضاف إلى مادته،فالسير الشعبية والحكايات التراثية على سبيل المثال تمثل قماشة متسعة قابلة لاستقبال أي جديد وإن اختلفت سمات هذا الجديد عن المتن الأصلي في بعض التفاصيل، فالكثير من الإنتاج الأدبي الحديث يمكن أن يكون امتدادا مباشرا لنوعية من التأليف العربي القديم كونه حاملا لنفس الجينات الوراثية،كما أننا في الغالب نكون سطحين حين نحكم على نص بأنه تراثي أو حداثي معتمدين في ذلك الحكم على تاريخية إنتاج النص مما يجعل هذا الحكم قاصر و غير دقيق ،فمثلا ألف ليلة وليلة عرفت الكثير من الطبقات المتعددة في تأليفها،حيث توجد لها هيئة بغدادية وأخرى شامية وهكذا،ولقد ميز باحثو التراث في هذه الطبقات بين مراحل تاريخية قديمة ووسيطة وحديثة ،حيث تنتمي بعض الحكايات إلى عصر المدفع والطربوش،مما يعنى أن الإضافة لها ظلت مستمرة حتى القرن الثامن عشر أو التاسع عشر الميلادي الذي شهد الطربوش في العصر العثماني الأخير،إن الحكايات والأفكار وطرق التأليف تعتمد في مجملها على نص محرك أصلى تطور مع الوقت في أشكال وصيغ مختلفة و التي نتوهم حين نخوض في التفاصيل أنها وصلت إلى حد المفارقة لهذا النص الأصلي،مما يجعلنا نكف عن استدعاء هذا الجنس أو هذه الفكرة في مسماها الأصلي مصوبين اهتمامنا إلى أوجه التشابه الظاهرة في الأسلوب أو القضايا المطروحة بين النصين (الأصلي ،النص الذي تطور عن النص الأصلي)،والتي تختلف اختلافا طفيفا في الغالب من عصر إلى آخر،إننا نقارن المتون الروائية العربي منها والغربي ونبحث فيه عن التأثيرات التراثية مقتنعين تمام القناعة بأن هذه النصوص توقفت الإضافة لها،فيما أننا لو أمعنا النظر في الرواية الحديثة لن نحصل على قواعد ثابتة يمكننا عندها إخراج أي كتاب كَتبَ عليه صاحبه أنه رواية من جملة فن الرواية،غير أنه _طبعا_ تبقى القيمة الذوقية والجمالية هي المعيار الأول في الحكم على مدى الجودة التي تجعلنا نقول عن هذا العمل بأنه رواية رفيعة أو ضعيفة المستوى من حيث انتمائها للفن الروائي،وربما يرجع ذلك أيضا إلى نظرتنا حينما نطلق على نص ما بأنه مكمل للحكايات التراثية بأننا نقلل من قيمته الإبداعية،وكما كانت هذه الحكايات الشعبية والتراثية بمثابة كتاب الحياة والمتن الذي لا يرفض إضافة العقل الجمعي  فإن الرواية اليوم تنهض بنفس الدور،غير أنني أبقى متعلق بهذه النوعية من الروايات التي ربما لو وجدها شخص في مخطوط قديم وقرأها مع حذف بعض التفاصيل التي تنتمي لواقعنا اليومي المعاش،لما شك أنها أحد المراحل في تطور نص تراثي ما، و رواية "الملك الوجه" لمحسن يونس هي أحد هذه الروايات،والتي بعد أن تنتهي من قراءتها يمكنك أن تقول انك قرأت نص تراثي هارب من قيد اللحظة الزمنية ،فلماذا لا يكون محسن يونس في الملك الوجه امتداد طبيعي للنص التراثي في ثياب عصرية يمكنها ان تعبر إلى المستقبل أيضا حاملة معها النص التراثي القديم تحت نفس المسمى دون انقطاع للمسمى القديم /الأصلي.
   فكما ناقشت حكاية حي ابن يقظان في روايتها الأكثر إبداعا عند بن الطفيل قضايا فلسفية متعلقة بالوجود والعدم ووحدة الوجود وكثرته غير المتناهية وقضايا في الفقه والشريعة من خلال نص غرائبي نعرف قصته وطبيعته الحكائية،وكما قامت ألف ليلة وليلة على صناعة الحكاية وإتباعها بالعبرة أو المفهوم الفلسفي وغيرها من النصوص التراثية ،يقوم محسن يونس بمناقشة قضايا ،مثل فلسفة السلطة وعلاقة الحاكم والمحكوم ،ورؤية العالم من وجهة نظر بنيوية أو تفكيكية لدي الشخصية المحورية في النص /شخصية الملك ومن حوله حكماء قصره،كما تعرج الرواية عن طريق التلميح إلى الوضع الراهن لمصر بعد الثورة .

  تأتي الملك الوجه في متن واحد كبير تتوالد فيه الحكايات غير عابئة بالتواصل المنطقي سواء على مستوى الزمن أو الحدث ،هذا التوالد الذي تتسم مشهديته بالفنتازيا في غالبية النص حيث نجد طائر خرافي هو السامورنيس لجوار الطائرة ،تقوم هذه الفنتازيا في مملكة الرمال والتي لا يستطيع ملكها رسم حدود لها كونها متغيرة تغير دائب،يتسم الملك بالأنوية المفرطة التي تجعله يرى نفسه مركز المملكة على الرغم من عدم قدرته على رسم خريطة لحدودها،الملك شخص غريب الخلقة فهو بعين واحدة  خلافا عن سائر سكان المملكة ذوي العنين،هذه العين هي رايه الذي لا يهمه سواه حتى لو اعدم جميع حكماء قصره فهو يرى نفسه الحقيقة المطلقة والموضوع وكل ما سواه عارض،فكلما حاول الحكماء معالجة عيبه تفنن لهم في أغاليط تشبه جدلية أيهما أسبق الفرخ أم البيضة ،ومن ثم استوجاب القتل أو غيره، ينجح الحكيم الثامن في حل مشكلة عينه الواحدة هذه بأن يجعل له نظارة شمسية ،غير أن هذا العيب بمجرد معالجته يظهر عيب آخر في انفه وإذا تم حل عيب انفه يظهر عيب أذنيه،وهكذا يناقش محسن يونس قضية رؤية العالم من خلال مشاهد تشبه المجاز التمثيلي،فكما لا يمكن للجغرافيين رسم خريطة للمملكة لا يمكن للحكماء معالجة عيوب الملك ولا يمكن للفلاسفة أيضا في عالمنا الذي نعيشه وضع تفسير نهائي للعالم والوجود.
جاءت الرواية في متن واحد وأربع نهايات ،حملت عنوناتها سمة فلسفية في الغالب،وهذه العنونات جاءت بمثابة المفتاح لدخول كل فصل و كيفية مناقشته للقضايا المعرفية المطروحة،من هذه العناوين (صحراء هروب المسافات سواء أكانت في وسع العالم أو قيد حجرة _صحراء أن تدرك في وهمك ما لا تستطيع أن تدركه في الحقيقة)،تقوم عنوانات النهايات الأربع بوضع القارئ أمام إعادة النظر في كيفية رواية النص/ الوجه الملك من ناحية كل راو و وجهة نظره التي رأى من خلالها الأحداث،مما يعني إعادة التشكيل الدلالي لأجزاء النص على حسب كل نهاية وراو في مخيلة القارئ مرة أخرى بعد الانتهاء من المتن الأصلي الطويل.

الأحد، 24 فبراير 2013



حرامى الحلة 
شطحة روائية لوقائع إقامة جبرية 
2013


كتب الناقد : أحمد عبد الرازق أبو العلا
( حرامي الحلة) رواية بديعة للكاتب الكبير / محسن يونس ، شطح شطحته الفنية ، فأبدع عملا لافتا ، وغير مسبوق - في موضوعه وطريقة معالجته - فضلا عن لغة السرد الكاشفة لذات بطلها .. وبطلها هو ( اللواء محمد نجيب ) ، ومحسن يونس لم يهتم بالسياق الذي أحاط بالشخصية ، تاريخيا وسياسيا ، لكنه أهتم بالشخصية ذاتها لتعرية تكوينها النفسي ، والإنساني كما تصوره هو - كروائي- فوجدنا أنفسنا نعيش قلقها ، وخوفها ، وإحساسها الجارف بالوحدة ، وافتقاد الحرية ، وانتظار الموت ، وسط أجواء الإقامة الجبرية ، التي جعلته محبوسا في قصر بالمرج ، خارج العاصمة ، يعيش مع أسرته ، لكننا نراه مرتبطا بالكلاب والقطط أكثر من ارتباطه بالبشر !! لأنهم أصبحوا جزءا منه ، يفكرون نيابة عنه ، ويفكرون معه ، ويدفعونه لتغيير نمط حياته ، حتي وهو رهن الإقامة الحبرية ، لقد أصبح مجرد تاريخ ، ربما لا يذكره أحد ، حتي ظن أحد اللصوص أنه قادر علي سرقته ، حين يدخل القصر ليحقق هدف السرقة ، فيقع في شراك المراقبة التي تسلبه عقله ، أحيانا ، وتضعه أمام نفسه ، ليكتشفها أحيان أخري .. وتنتهي الرواية بموت (سي نجيب ) ولحظتها فقط ، تبلغه الحيوانات أنه حصل علي حريته الكاملة .. الرواية جاءت في سياق أسطوري ، غرائبي ، واقعي .. خليط متجانس يتسم بتناغم عناصر تبدو متعارضة ، لكن الكاتب باتقان شديد جدا أستطاع أن يقدم عالما غنيا بالدلالات ، وغنيا بإنسانية الحيوان ، وحيوانية الإنسان أحيانا .. ولغة الرواية تحتاج إلي مقال مفرد بإذن الله ، نظرا لأهميتها وخصوبتها ، وتفردها .
ناقشت الرواية اليوم في برنامج (عالم الرواية ) بإذاعة البرنامج الثقافي ، وسوف تذاع الحلقة يوم الجمعة الموافق 10 مايو 2013 الساعة العاشرة والنصف مساء ، علي موجه fm
أدعوكم إلي قراءة الرواية الصادرة عن دار الأدهم للنشر

الخميس، 3 يناير 2013

من الأرشيف الأبيض والأسود

محمد النبوى سلامة

السيد النماس

سمير الفيل

أنا

 

 

من الألبوم الملون


السبت، 11 أبريل 2009

طرائف


من طرائف التلقى والتعامل مع نص قصصى
تلقيت هذا التعليق من أحد القراء ، الذى يكتب أيضا القصة ، وقد نقلته حرفيا ، ولم أتدخل فى الأخطاء الإملائية لصاحب التعليق ، ولم أذكر اسمه كذلك .. كانت القصة قد نشرت فى موقع مشهور للقصة العربية ..
...............................
أخي محسن ..سأكون صادقا معك ..حينما نشرت القصة حاولت قراءتها ولم تشجعني البداية فأنصرفت عنها ..وحينما قرأت أشادة أخي خالد الجبور حاولت قراءتها مرة ثانية وفشلت للمرة الثانية ..وبدأت أحاول فهم سبب هذا الفشل في الأندماج والأستمتاع ..
........................
وبالفعل فهمت أين الخطأ من وجهة نظري ..هو كتابة القصة قطعة واحدة بلا فواصل تتيح لي فرصة التقاط الأنفاس وترتيب الأفكار ..فنسختها وقرأتها بعد وضع الفواصل فكانت النتيجة جيدة ....
فى نص آخر تلقيت تعليقا أكثر طرافة ، فصاحبه استخدم ذائقته النقدية فى "تخليض تاره " منى ، يبدو موضوعيا فى حديثه ، وهو يخفى سمومه ، يقول – لا فض فوه – معاذ | مصر
اللغة هنا غريبة قليلا :"والبال شارد أنا"! و هناك تكرار ليس له فائدة مثل :"سحبت غطاءه ، لا أعرف كيف .. إنما أنا سحبت غطاءه".. أظن سحب الغطاء ليس بالأمر العجيب لكى تقول "لا أعرف كيف" ثم تكرر عبارة "سحبت غطاءه" مرة أخرى. وقولك "، لم أقدر ، وأفشل" هما نفس الشئ وأي واحدة منهما تكفى. وأيضا "لا أستطيع وصفه إذ أنه قديم وحديث ، وهذا الوصف من عندي أنا ، لم أقرأه" قلت أنك لا تستطيع وصفه ، ثم وصفته بوصف غير جديد على الاطلاق ثم اجهدت نفسك لتقنعنا بأنه وصف جديد ! وفى قولك "ذلك المخلوق الذي اسمه عفريت" كان يكفى أن تقول ضحكات العفريت أو ضحكات المخلوق فهما نفس الشئ ونحن نعرف إذا قلت المخلوق أنه عفريت فلا حاجة للتوضيح.. أرجو ألا يزعجك تعليقى وأن تتقبله بصدر رحب.
نفس النص القصصى تناوله آخرون قبل ، وبعد هذا التناول الطرفة ، أنقلها جميعا مع ذكر أسماء أصحابها بالطبع ..

منصور كامل | مصر / الاسكندرية
القصة تدل على خبرة كاتبها. وهي شيقة وممتعة . أتمنى من الكاتب أن يبسط من اللغة التي تقلل من شحنة المتعة خاصة مع العفريت . العفريت هو نفسه بني آدم . اقول أن الكاتب يتقدم خطوة عن الواقعية السحرية في زيها المصري. كاتب يعرف كيف يسوق القصة فقط بعضلا من إحكام اللغة واقترابها من المعجم الشعبي .

سمير الفيل | مصر
أول ما يلفت النظر
أول ما يلفت النظر في هذا النص قدرة الكاتب على نقل التخييل من مرتبة الفانتازيا الخالصة إلى فضاءات تتقاطع فيها التصورات مع الرؤى في اشتباك حميم ، وأخالني في موقف الطفل الذي عثر صدفة على مكحل قديم فراح يحركه، ويعبث فيه فخرج العفريت من المكحل ،وراح يردد العبارة الأثيرة : " شبيك لبيك " ، وبدلا من أن ينتهز الفرصة ليطلب ما شاء انعقد لسانه وارتج عليه القول ، فكان مصيره أن أدخله العفريت المكحل ، وفر هو من المكان .
بالطبع سنلاحظ سمة أساسية عند الكاتب هو النزوع القوي للجمل الخاطفة بلا تزيد ، والاتجاه إلى نسيج سردي متماسك ، مع التخلص من الترهل في الأحداث. لا مكان هنا للثرثرة ، ولا للاستطراد ، ولكننا قد نعثر على قليل من الغموض لنسأل أنفسنا بعد أن ننتهي من قراءة النص ومشاكلة سطحه ، واختراق القشرة الصلدة بحثا عن العمق : ماذا يريد الكاتب حقا ؟
وفي ظني أن الحكي بالصورة التي يقدمها محسن يونس تبتغي أن ننبش في الذاكرة الشعبية بحثا عن طرائق آداء تشتبك فيها البساطة مع مسحة شعبية مؤثرة .
ولنضف إلى ذلك أن مفردة ( الكحل ) ترتبط بالليل ، بالأسود ، بالسحر في اصوله الأولى , وربما كان مكحل الأم هو عودة حميدة إلى الطفولة ـ رغم أن الكاتب لم يذكر ذلك بتاتا لكنني تلمسته ـ واغتراف خجول من مناطق الفتنة في السير الشعبية التي يدمجها الكاتب بعد أن يحررها من عاديتها بالتحولات التي تمس الفرد ككائن وحيد أعزل . كائن يتخاطفه جهامة الواقع فيهرب منه إلى سحر الخيال . وتلك مهمة يقوم بها الكاتب في حنكة ، ووعي ، واقتدار.

محمدالقبي | تونس
المبدع محسن يونس : قصتك هذه صعبة كما ذكر الصديق خالد الجبور و"لحظة طائشة في عالم محسن يونس "كما جاء على لسان الصديق ياسر عبد الرحمان...هي فعلا صعبة تستعصي على القارئ ، لقد جعلتنا نعيش أجواء أسطورية ولك أهدافك في ذلك وليفهم المتلقي كيفما شاء كما للكاتب وللمبدع حرية اختيار الفكرة و الأسلوب الذي يروق له في الكتابة... قد تكون هنا استندت إلى مرجعيات معينة في الحكي و في التخيل، عموما إن النص مربك و محير أيضا، يمكن أن يفهم بطرق عديدة و يقرأ بطرق مختلفة أو هكذا يبدو لي ... شكرا لك ... مودتي . محمد القبي

عصمت فؤاد عبد الحق | مصر
الأستاذ/ محسن قصتك من النوع السهل الممتنع فعندما يتناول ناضج بعض ذكريات الطفولة ومخاوفها بشكل فنى جميل يجمع بين أسلوب الحكى والسرعة فى ترتيب الأحداث فهذا يدل على مقدره فنيه عاليه ولكن ماذا تقصد بأن الكحل راح وانقضى؟
ودمت مبدعا

خالد الجبور | فلسطين
أستطيع أن أقرأ هذه القصة الجميلة والصعبة قليلاً كالتالي :
طفل مسكون بالحكايات ، وربما بحكاية مصباح علاء الدين السحري بالذات ، وحين يقع بصره على مكحلة أمه المعتمة من الداخل، ويفتحها ، يتراءى له الجنيّ ، فيهوي في هوّة الخرافة، أو يحلّق في فضاء المخيّلة ، متحركاً داخل حكاية قديمة جديدة ، حكاية تعبّر عن أحلام ورغبات هذا الطفل ، الذي يجد نفسه منحازاً لعالم الدهشة أكثر من الرغبة في تحقيق أحلام صغيرة تضعه خارج المخيلة ، وتحرمه من متعة الدهشة ، فيسقط داخل المكحلة ، ليظلّ أسيراً لهذا السحر الكامن فيها .

لعل هذا الطفل ما يزال يقبع في أعماق محسن يونس ، فهذا الكاتب لا يكفّ عن ارتياد تلك المنطقة المسكونة بماهيات تتحرّك كمويجات في عالم آخر يوازي عالم الواقع الجاف والفقير جداً .
لغة الطفل في النص بدت لغة متوافقة مع أجواء الدهشة ، فتخلخلت ، واضطربت اضطراباً مقصوداً ، وهذا ما يفعله الفنان الحاذق حين يبدع من قلبه .
مودتي العميقة لمحسن يونس المسكون بالدهشة والحلم .

ياسر عبد الرحمن | مصر
اللحظة الطائشة فى عالم محسن يونس
فجأة أطل المبدع محسن بحدث جديد مما يؤكد ان عالمة الفنى مزدهر بالأفكار واللحظات الأقرب الى الجنون ..... والحدث يحملنا الى بعد مجسم من التخيل يجعلنا نستند الى مرجعيات مشهدية فى تاريخنا الثقافى حول اللحظات المماثلة فى القصص فى الأفلام فى الحواديت .... ..الى آخره .........ثم يأتى محسن منفصلا عن الجزيرة و القرية وينساب بعوامل سحرية الى داخل هذا المكحل الصغير
بدأ زمن القص بعد مرور الحدث الرئيسى وهو إدخاله فى المكحل .. ولنا ان نفترض ان الحدث الرئيسى هو حاله الرعب و الأرتباك التى جعلت البطل يعجزعن طلب أى شىء من المارد .. وكان من علامات الصدق الفنى إستحضار حالة الرعب فى بدء لحظة الحكى رغم انتهاء زمن الحدث
المتن الحكائى عبارة عن مادة خام طيعة فى يد السارد وقابلة للصياغة بما لا حصر له من الاتجاهات و الأشكال .. وقد قدمت القصة طرحا جديدا لهذا المارد الذى يظهر من فانوس أو ما شابه ويقول شبيك لبيك وان لم تطلب يحترق .. ومحسن جعل المارد أكثر إيجابية فى رد فعله ..فبدلا من الاحتراق وضع الطفل فى المكحل الذى خرج منه
وينتهى النص معبقا بالاحتمالات ..فلعل الحدث لم يحدث ولعله حدث ... ولعلها لحظة جنون طائشة لإنسان يحلم بمن يحقق له أمنياته بهذا الشكل الصارخ ..شبيك لبيك ..
وتم تطعيم الحدث بأوصاف الفزع والارتباك والفلسفة التى تشرأب بلا مناسبة من قلم الكاتب لتعكس ثقافته وقدرته على التحليل فيقول صوته قديم و حديث
و أتصور ان منهج الارتباك يبررسقوط التعبيرات فوق بعضها بهذا الخلط الذى لم يحكم جيدا
كما ان النص يصلح كمعادل موضوعى لشخص متأزم ومقهور ويظل كذلك حتى لو واتتة الفرصة تضيع و تتحول الى نقمة
قصتك تحمل بلاغة الحكى من البطل المشارك وتصنع رونقا من التلقائية والبساطة حول هذا
الحدث المفترض
مع خالص تحياتى

أنا ابن بحر